النص
السومري لأُسطورة نزول الإلهة عشتار ـ
إنانا ـ إلى العالم السفلي
|
|
+++
|
تزوج
دوموزي الراعي
من الإلهة إنانا ـ عشتار ـ لكن هذا الزواج سيكونُ السبب في هلاكه
في الجحيم وذلك عندما نزلت زوجته إلى العالم السفلي لتنتزع سلطانَ
أختها أريشكيغال لكنها فشلت وكان ثمن عودتها من عالم الأموات أن
تُسَلِّم بديلاً عنها ؛ البديل الذي اختارته كان زوجها المسكين دوموزي
ـ تَمُّوز ـ
|
+++
|
ـ من الأعلى العظيم اِتجهت بأفكارها نحو الأسفل العظيم
الإلهة من الأعلى العظيم اِتجهت بأفكارها نحو الأسفل العظيم
إنانا اِتجهت بأفكارها من الأعلى العظيم إلى الأسفل العظيم
هجرت سيدتي السماء والأرض
وإلى العالم السفلي هبطت
إنانا هجرت السماء والأرض
وإلى العالم السفلي هبطت
نبذت السيادة ونبذت السلطان
وإلى العالم السفلي هبطت
إلى جانبها ربطت النواميس الإلهية السبعة
جمعت كُلَّ النواميس الإلهية، وضعتها في يدها
أحضرت كلَّ النواميس وهي تُوشِكُ أن ترحل
وضعت على رأسها تاج السهل شوجرا
وثبَّتت فوق جبينها خُصلات الشعر
وأمسكت بيدها الخيط وعصا القياس من اللازورد
وحول عُنِقها ربطت عِقداً من الأحجار الصغيرة
وعلى صدرها حجرين من النونوز
وأمسكت بيدها حلقةً من الذهب
وفوق صدرها ـ تعال يا رجل تعال ـ
لبست حلة بالا ـ حلَّة السيادة والحكم ـ
وكحلت عينيها بدهان ـ دعه يأتي دعه يأتي ـ
سارت إنانا نحو العالم السفلي
وإلى جانبها مشى وزيرها ننشوبور
أنت يا سندي الدائم
يا وزيري ذا الكلام الطيب
يا فارسي الصادق الكلمات
إنني الآن هابطةٌ إلى العالم السفلي
|
إن
لم أعد من العالم السفلي تندبني عند الخرائب
وفي معبد المجتمع اِضرب الطبل من أجلي
وفي بيت الآلهة تجول من أجلي
غضِّ الطرفَ من أجلي وزم فمك
وكالصعلوكِ تلبِسُ ثوباً واحداً
وإلى اِيكور بيت إنليل وحدكَ توجِهُ خطاك
عندما تدخلُ اِيكور بيت إنليل
: اِبك أمامه وقل
أيها الأب إنليل لا تدع اِبنتك تهلَكُ في العالم السفلي
لا تدع معدنك الطيب يُغمرُ بغبار العالم السفلي
لا تدع لازوردكَ النفيس يُصبح حجراً يعملُ به الحجار
لا تدع خشبَ نفسك يُقطع ليصيرَ خشباً للنَجَّار
لا تدع العذراء إنانا يحكم عليها الموت
وإن لم يقف إنليل إلى جانبك فاِذهب إلى أُور
وفي أُور في أكيشنوغال اِبك أمام نانا
وإن لم يقف نانا إلى جانبك فاذهب إلى أريدو
وفي أريدو عندما تدخل بيت إنكي
اِبكِ أمام إنكي
فإن الأبَ إنكي سيد الحكمة
إنكي الذي يعرف سر خبز الحياة وماء الحياة
بالأكيد سيعيدني إلى الحياة
اِذهب يا ننشوبور
اِحفظ وصيتي ولا تُهملها
وعندما وصلت إنانا إلى القصر، إلى جبلِ اللازورد
|
تصرفت
بجرأةِ عند باب العالم السفلي
وتكلمت بجرأةٍ في قصر العالم السفلي
ـ اِفتح البيت أيها الحاجب اِفتح الباب
اِفتح الباب يا نيتي وسأدخل وحدي
نيتي كبيرَ حُجَّاب العالم السفلي
: أجاب إنانا الطاهرة
ومن تكونينَ أرجوكِ
ـ أنا ملكة السماء، الموضع الذي تُشرقُ منه الشمس
ـ إنْ كنتِ ملكة السماء حيث تُشرقُ الشمس
فلمَ جِئتِ الأرض التي لا عودة منها
وفي الطريقِ الذي لا رجعة لمن سار فيه كيف قادك قلبك ؟
: فأجابته إنانا الطاهرة
ـ جِئتُ من أجل أُختي الكبرى أريشكيغال
لأن زوجها السيد جوجالانا قد قُتِل
لكي أَحضرَ شعائر جنازته
وهكذا فليكن ـ
نيتي كبير حجاب العالم السفلي
: أجاب إنانا الطاهرة
ـ اِنتظري، دعيني أُكلم مليكتي، أريشكيغال ـ
: دخل نيتي إلى ملكتهِ أريشكيغال وقال
يا مليكتي، في الباب عذراءٌ من الآلهة
والنواميس السبعة إلى جانبها
عندها عضَّت أريشكيغال فخذها واستشاطت غضباً
قالت هلم يا نيتي يا كبير حجاب العالم الأسفل
والكلمة التي سآمرك بها لا تهملها
|
ـ
اِرفع أقفال بوابات العالم السفلي السبعة
واِفتح أبوابَ قصر جنزير وجه العالم السفلي
وعند دخولها أحضرها أمامي عاريةً تحني رأسها ـ
نيتي كبيرُ حجابِ العالم السفلي
أطاعَ كلمة مليكتِهِ
فرفعَ أقفالَ أبواب العالم السفلي السبعة
وقصر جنزير وجه العالم السفلي، فتح أبوابه
: وقال لإنانا الطاهرة
ـ هلمي وادخلي
عند دخولها
نزع عن رأسها تاج السهل شوجرا
ـ ما هذا أرجوك
ـ أُسكتي يا إنانا فنواميس العالم السفلي كاملة
لا تعترضي ولا تسترحمي من شعائره
عند دخولها الباب الثاني
اِنتزع منها الخيط وعصا القياس من اللازورد
ـ ما هذا أتوسل إليك
ـ اُسكتي يا إنانا فأحكام العالم السفلي عادلة
فلا تسترحمي من شعائر العالم السفلي
وعند دخولها الباب الثالث
اِنتزع منها عِقد أحجار اللازورد من جيدها
وعند دخولها الباب الرابع
اِنتزع من صدرها حَجَرَيْ النونوز
|
وعند
دخولها الباب الخامس
اِنتزع من يدها حَلقةَالذهب
وعند دخولها الباب السادس
اِنتزع صدرية ـ تعال يا رجل تعال ـ
وعند دخولها الباب السابع
اُخذت عن جسدها حُلَّة السيادة والحكم
وأُخذت وهي عاريةٌ منحنية الرأسِ إلى حضرة أُختها
اِستوت أريشكيغال الطاهرة على عرشها
ولفظ الأنوناكي، القضاةُ السبعة الحكم أمامها
فصوبت عينها عليها، ثيتت فيها نظرة الموت
ونَطَفَتْ بالكلمة ضدها، كلمة الغضب والسُخْط
فاهت بالصرخة ضدها، صرخة التجريم
فتحولت المرأة العليلة إلى جُثةٍ هامدةٍ
وعُلِّقَتْ الجُثة من مسمار
بعد اِنقضاء ثلاثة أيامٍ وثلاث لياليٍ
وزيرها ننشوبور
وزيرها الطيب الكلمات
فارسها الصادق الكلمات
شرع يندبها عند الخرائب
ويضرب الطبلَ من أجلها في مزار المجمع
أخذ يجول من أجلها في بيوت الآلهة
خَفَضَ نظرَهُ من أجلها وزَمَّ فَمَه
وكالصعلوكِ اِرتدى من أجلها بِرِداءٍ واحد
وإلى إيكور، بيت إنليل وَجَّهَ خُطاه
عندما دخل في اِيكور بيت إنليل
: بكى أمامه وقال
أيها الأب إنليل لا تدع اِبنتك تهلَكُ في العالم السفلي
لا تدع معدنك الطيب يُغمرُ بغبار العالم السفلي
لا تدع لازوردكَ النفيس يُصبح حجراً يعملُ به الحجار
لا تدع خشبَ نفسك يُقطع ليصيرَ خشباً للنَجَّار
لا تدع العذراء إنانا يحكم عليها الموت
لم يستجب إنليل فوجه خُطاه إلى أور
ولم يستجب نانا
ثم توجه إلى أريدو
وفي أريدو عندما دخل بيت أنكي
: بكى أمام أنكي وقال
ـ أيها الأبُّ أنكي لا تدع اِبنتك تموت في العالم السفلي
لا تدع معدنك الطيب يُغَطيهِ تراب العالم السفلي ـ
|
:
فأجاب الأب أنكي ننشوبور قائلاً
ماذا حدثَ لاِبنتي ؟ إنني قَلقٌ
ماذا حدث لإنانا ؟ إنني قلقٌ
ماذا حدث لملكة البلدان ؟ إنني قلقٌ
ماذا حدث للبغي المقدس ؟ إنني مضطربٌ
فأخذ وسخاً من تحت أظافره صنع منه الكوجرو
وأخذ وسخاً من ظفره المصبوغ بالأحمر وصنع الكالاترو
وأعطى الكوجرو خبز الحياة
وإلى الكالاترو أعطى ماء الحياة
قال الأبُّ أنكي للكوجرو والكالاترو
سيقدمون لكما ماء النهر فلا تَقْبلاه
وسيقدمونَ لكما غلَّة الحقل فلا تَقْبلاها
قُولا لأريشكيغال ـ سَلِّمينا الجُثَة المعلَّقة بالمسمار
رُشا عليها خبز الحياة وماء الحياة
عند ذلك تقوم أنانا وتعود لها الحياة
كوجرو وكالاترو ينفذا تعليمات أنكي فلم يشربا من ماء النهر ولم
يأكلا من غلَّةِ الحقول بل طلبا جثة أنانا
تسلَّما الجثة المعلقة من المسمار
فنثر أحدهما خبز الحياة والآخر ماء الحياة
فقامت إنانا
ولما شرعت إنانا تنوي الصعود من العالم السفلي
: أمسكها الأنوناكي وقالوا لها
ـ مَنْ مِنَ الذين هبطوا إلى العالم السفلي اِستطاع أن يصعدَ
سالماً ؟
فإذا أرادت إنانا أن تصعد منه
دعها تُقَدِمُ مَنْ يكون بدلاً عنها
صعدت إنانا من العالم الأسفل
وكان الشياطين الصغار مثل قصب الشوكر
والشياطين الكبار مثل قصب الدبان
الجميع يمشون بجانبها
والذي مشى أمامها حمل صولجانها وإن لم يكن وزيراً
والذي مشى بجانبها تمنطق بالسلاح وإن لم يكن فارساً
إنَّ الذين رافقوها
إنَّ الذين رافقوا إنانا
كانوا مخلوقاتٍ لا تعرف الطعام ولا تعرف الماءَ
لا يأكلون الطحين المبسوس
ولا يشربون ماء القرابين
إنهم يأخذون الزوجة من حُضنِ زوجها
ويأخذون الطفل من ثدي مرضعته
|
قصدت
إنانا إلى المدينتين السومريتين، أُوما و بادتبيرا فحلَّ الذعر
في قلب إلهيما، شارا ولثراك، فلبسا المسوح وتمرغا في التراب
أمام أنانا فتقبلت خضوعهما تذللهما ومنعت الشياطين من أخذهما
إلى العالم السفلي. ثم تابعت سيرها وسط حشد الشياطين حتى مدينة
كللاب وهي مدينة زوجها الإله الراعي دوموزي، وكان يجلس على عرشه
بحلل العيد والأفراح، ورفض التمرغ والتذلل أمامها، فاِستشاطت
غضباً وصوبت عليه نظرة الموت وسلَّمته إلى الشياطين الغلاظ ليأخذوه
إلى العالم السفلي
اِرتدى دوموزي حلَّةً فاخرة واعتلى جالساً على منصته
فأمسكه الشياطين من فخذيه
هجم عليه الشياطين السلعة كما يفعلون بالرجل المريض
فانقطع الرعاة عن نفخ الناي والمزمار أمامه
ثبتت إنانا نظرها عليه، إنها نظرة الموت
ونطقت بالكلمة ضده، إنها كلمة السخط
: وفاهت بصرخةٍ ضده، إنها صرخة التجريم
ـ أما هو فخذوه ـ
لقد سلَّمت إنانا الطاهرة دوموزي الراعي لأيديهم
إنَّ الذين رافقوه
إنَّ الذين رافقوا دوموزي
كانوا مخلوقاتٍ لا يعرفون الطعام ولا يعرفون الماء
لا يأكلون الطحين المبسوس
ولا يشربون ماء القرابين
لا يتمتعون في حضن المرأة
ولا يُقَبِلونَ الأطفال الأصحاء
إنهم يأخذونَ اِبن الرجل من فوق ركبتيه
ويسلبون الكنة من بيت حميها
بكى دوموزي حتى اِخْضَرَّ وجهه
نحو السماء رفع يديه إلى أُوتو
ـ يا أُوتو، أنت أخو زوجتي وأنا زوج أُختك
أنا من يأتي بالزبد إلى بيت أُمك
وأنا من يُحْضرُ الحليب إلى بيت ننجال
حوِِّلْ يدي إلى يد حَيَّة
وحَوِّلْ قدمي إلى قدم حَيَّة
دعني أتخلص من شياطيني ولا تدعهم يمشكوني
أُوتو لم يستجب لتضرعات دوموزي
مات دوموزي، وبموته يدب الاِصفرار في النباتات وتسير الحيوانات
نحو الاِنقراض وتعبس الطبيعة وتُرَنَّم أغاني الحزن بعد أن أصبح
الجحيم مسكن دوموزي
الندم دبَّ في قلب أنانا فتعاونت مع أُخت دوموزي كيشتين ـ آنا
ـ كرمة عنب السماء، لتنشله من براثن الموت
بعودة دوموزي الدورية إلى الأرض تدب الحياة من جديدٍ وتعمُّ
المسرة كُلَّ الكون وتتجدد الحيوية في كُلِّ المخلوقات، فتنمو
الأعشاب والأزهار لتغطي المروج، تتحرك الأجنة في الأرحام وتكبر
عناقيد البلح وترنم الأناشيد الفرح
.إنها دورة الفصول الأربعة
|
|
مصدر
النص : المثولوجيا السورية ـ أساطير آرام ـ للدكتور وديع
بشور. الطبعة الثانية صفحة 235 ـ 243
|
|