مَشَتْ على الرَّسم أّحداثٌ وأَزمان |
|
قم ناج جِلَّق ، وانْشُدْ رسمَ مَن بانوا |
|
رَثُّ الصحائف ، باقٍ منه عُنوان |
|
هذا الأَديمُ كتابٌ لا كِفاءَ له |
|
منه ، وسائره دُنيا وبُهتان |
|
الدِّينُ والوَحْيُ والأَخلاقُ طائفةٌ |
|
إِلا قرائحُ مِن رادٍ وأذهان |
|
ما فيه إِن قُلِّبَتْ يوماً جواهُرهُ |
|
وللأَحاديثِ ما سادوا وما دانوا |
|
بنو أُمَيَّةَ للأَنباءِ ما فتحوا |
|
فهل سأَلتَ سريرَ الغرب : ما كانوا ؟ |
|
كانوا مُلوكاً ، سَريرُ الشرقِ تحْتَهُمُ |
|
في كلِّ ناحيةٍ مُلكٌ وسلطان |
|
عالِين كالشمسِ في أَطراف دولتِها |
|
سَرى به الهمُّ ، أو عادتهُ أَشجان |
|
يا ويحَ قلبيَ ! مهما انتاب أَرْسُمَهُم |
|
واليومَ دمعي على الفَيْحاءِ هَتَّان |
|
بالأمس قُمتُ على الزهراءِ أَندُبُهم |
|
ونَيِّراتٌ ، وأَنواءٌ ، وعقبان |
|
في الأَرضِ منهم سماواتٌ ، وأَلْوِيَةٌ |
|
لو هانَ في تُرْبِهِ الإِبْريزُ ما هانوا |
|
معادنُ العزِّ قد مال الرَّغام بهم |
|
ولا زَهَتْ ببني العبَّاس بَغدان |
|
لولا دِمَشْقُ لما كانت طُلَيْطِلةٌ |
|
هل في المُصَلَّى أَو المِحْرابِ مَرْوان ؟ |
|
مرَرتُ بالمسجدِ المَحْزونِ أَسأَله |
|
على المَنابرِ أَحرارٌ وعِبدان |
|
تَغَيَّرَ المسجدُ الْمحزون ، واختلفَت |
|
إذا تعالى ، ولا الآذانُ آذان |
|
فلا الأَذانُ أَذانٌ في منارته |
|
|
** |
|
|
دِمَشْقُ رَوْحٌ ، وجَنَّاتٌ ، ورَيْحان |
|
آمنت بالله ، واستثنيتُ جَنَّتَهُ |
|
الأَرضُ دارٌ لها الفيحاءُ بُسْتان |
|
قال الرِفاقُ وقد هبَّت خمائلُها : |
|
كما تلقُّاكَ دونَ الخُلْدِ رضوان |
|
جَرى وصَفَّقَ يلقانا بها بَرَدى |
|
والشمسُ فَوقَ لُجَين الماءِ عِقْيان |
|
دَخَلتُها وحواشيها ، زُمُرُّدَةٌ |
|
حورٌ كَواشِفُ عن ساقٍ ، وولدان |
|
والحورُ في دُمَّر ، أَو حول هامَتِها |
|
الساقُ كاسِيَةٌ ، والنحرُ عُريان |
|
و رَبْوَةُ الوادِ في جِلبابِ راقصةٍ |
|
وللعيونِ كما للطَّيرِ أَلحان |
|
والطيرُ تَصدح من خلف العيونِ بها |
|
أَفوافُهُ ، فَهوَ أَصباغٌ وألوان |
|
وأَقبلتْ بالنَّبات الأَرضُ مُخْتلِفاً |
|
لدى ستورٍ ، حواشيهنَّ أَفنان |
|
وقد صَفا بَرَدى للرِّيح ، فابتَرَدَتْ |
|
جَفَّتْ من الماءِ أَذيالٌ وأَردان |
|
ثم انثنت لم يزل عنها البلال ، ولا |
|
نُبِّئْتُ أَن طريقَ الخُلدِ لُبنان |
|
خَلَّفتُ لُبنانَ جَنَّاتِ النعيم ، وما |
|
فيها النَّدى ، وبها طَيٌّ وشَيْبان |
|
حتى انحَدَرتُ إِلى فَيْحاءَ وارفَةٍ |
|
آباؤهم في شبابِ الدَّهرِ غَسَّان |
|
نزلتُ فيها بِفِتيانٍ جَحاجِحَةٍ |
|
مِن عبدِ شَمسٍ وإِ لم تَبْقَ تيجان |
|
بِيضُ الأَسِرَّةِ ، باقٍ فيهُمُ صَيَدٌ |
|
لو أَن إِحسانَكم يَجزيه شُكران |
|
يا فتيةَ الشام ، شُكراً لا انقضاءَ له |
|
ولا كأَوطانكم في البشر أوطان |
|
ما فوقَ راحاتِكم يومَ السماحِ يَدٌ |
|
فهل لها قَيِّمٌ منكم وجَنَّان ؟ |
|
خميلةُ اللهِ وشَّتْها يَداهُ لكم |
|
فالملكُ غرسٌ ، وتجديدٌ ، وبنيان |
|
شَيدوا لها المُلكَ ، وابنوا رُكْنَ دولتها |
|
لآبَ بالواحدِ المبْكيِّ ثَكلان |
|
لو يُرجِعُ الدهرُ مفقوداً له خطرٌ |
|
وأن يَبينَ على الأَعمالِ إَتقان |
|
المُلكُ أَنْ تعملوا ما اسْتطعْتُمو عملاً |
|
لمطلبٍ فيه إَصلاحٌ وعُمران |
|
المُلكُ أَن تُخرَجَ الأَموالُ ناشِطةً |
|
وتحت عقلٍ على جَنْبَيَه عِرفان |
|
المُلكُ تحتَ لسانٍ حوله أَدبٌ |
|
تفرَّقت فيه أَجناسٌ وأَديان |
|
المُلك أن تتلاقَوا في هوى وطنٍ |
|
|
** |
|
|
والنُّصحُ خالصُه دِينٌ وإِيمان |
|
نصيحةٌ مِلْؤها الإِخلاصُ ، صادقةٌ |
|
أو حِكمَةً ؛ فهو تقطيع وأَوزان |
|
والشِّعرُ ما لم يكن ذكرى وعاطفةً |
|
ونحن في الجُرح والآلآم إِخوان |
|
ونحن في الشرق والفُصْحى بنو رَحِم |
|
|
** |
|
|