مَدْحٌ ذاتي
شعر أبو العلاء المعري
979 - 1058 ap.J.-C. (363 - 449 hégire)
+++
عَفافٌ وإقدامٌ وحَزمٌ ونائِلُ
ألا في سبيل المجدِ ما أنا فاعِلُ
يُصَدَّق واشٍ، أو يُخَيَّبُ سائِلُ؟
أعِندي، وقد مارستُ كلَّ خَفيَّةٍ
وأيسرُ هَجري أنني عَنكَ راحِلُ
أقلُّ صُدودي أنني لكَ مُبغِضٌ ؛
فأهونُ شيءٍ ما تقولُ العَواذِلُ
،إذا هبتِ النَّكباءُ بيني وبينكمْ
ولا ذنبَ لي إلا العُلي والفضائِلُ
،تُعَدُّ ذنوبي، عند قَومٍ، كثيرةٌ
رَجعتُ، وعندي للأنامِ طَوائلُ
،كأني، إذا طُلتُ الزمانَ وأهلَهُ
بإخفاءِ شمسٍ، ضوؤُها مُتكامِلُ؟
وقد سار ذِكري في البلادِ، فمَنْ لهُم
ويُثقِلُ رَضْوىَ دون ما أنا حاملُ
يَهُمُّ الليالي بَعضُ ما أنا مُضمرٌ ؛
لآتٍ بِما لمْ تَسْتَطِعْهُ الأوائلُ
،وإنِّي، وإن كُنتُ الأَخيرَ زمانُهُ
وأسري، ولو أن الظلامَ جَحافِلُ
،وأغْدو، ولو أنَّ الصباحَ صوارِمٌ
ونضوٍ يمانٍ أغفلتهُ الصياقِلُ
وأيُّ جوادٍ لم يُحَلَّ لجامُهُ
فما السيفُ إلا غِمْدُهُ والحَمائلُ
وإن كانَ في لِبسِ الفتى شَرفٌ لهُ
على أنَّني، بين السماكَيْنِ، نازِلُ
،ولي منطقٌ لم يَرضَ لي كُنْهَ منزلي
وَيَقصُرُ عن إدراكهِ المُتناولُ
لَديَّ مَوطِن، يشتاقُهُ كُلُّ سيِّدٍ
تَجاهَلتُ، حتى ظُنَّ أنِّي جاهِلُ
،ولمَّا رأيتُ الجَهلَ، في الناسِ فاشياً
ووا أسفاً ! كم يُظْهِرُ النقصَ فاضلُ
فَوا عَجَباً ! كم يَدَّعي الفضلَ ناقِصٌ
وقد نُصِبَتْ للفرقدينِ الحبائِلُ؟
وكيفَ تنامُ الطيرُ في وُكَناتِها ؛
وتحسدُ أسحاري عليَّ الأصائِلُ
يَنافسُ يومي في أمسي، تشرُّفاً ؛
فَلَستُ أُبالي مَنْ تَغُولُ الغَوائل
،وطالَ اِعترافي بالزمانِ وصرفِهِ
ولو ماتَ زَندي ما بَكَتْهُ الأنامِلُ
،فلو بانَ عَضْدي ما تأسفَ منكبي
وعَيَّرَ قُساً، بالفهاهةِ، باقِلُ
،إذا وصَفَ الطائي، بالبُخلِ، مادِرٌ
وقال الدُجى : يا صُبحُ لونُكَ حائلُ
،وقال السُّهى للشمس : أنتِ خفيَّةٌ
وفاخرتِ الشُهُبَ الحصى والجنادِلُ
وطاولتِ الأرضُ السماءَ، سفاهَةً
ويا نفسُ جِدِّي ! إن دَهرَكِ هازِلُ
،فيا موتُ زُرْ ! إن الحياةَ ذميمةٌ
على نفسِهِ والنجمُ في الغَرب مائلُ
،وقد أَغتدي، والليلُ يبكي، تأسفاً
لها التِبرُ جِسمٌ، واللُّجيَْنُ خلاخِلُ
،بريحٍ، أَعيَرت حافِراً من زَبَرجدٍ
تَخُبُّ بسَرْجي، مرَّةٌ، وتُناقِلُ
،كأنَّ الصِّبا ألقَتْ إليَّ عِنانَها
عن الماءِ، فاشتاقت إليها المناهلُ
إذا اِشتاقتِ الخيلُ المناهل أعرضَت
وآخرُ، من حَلْي الكواكبِ، عاطلُ
،وليلانِ : حالٍ بالكواكب جوزُهُ
بِوصلٍ، وضوءُ الفَجْر حِبٌ مُماطِلُ
كأنَّ دُجاه الهجرُ، والصبح مَوعِدٌ
وليسَ لَهُ، إلاَّ التَبلُّجَ، ساحِلُ
،قَطَعتُ بهِ بحراً، يَعُبُ عبابُهُ
حليفُ سُرىً، لم تصْحُ منهُ الشَمائلُ
ويُؤنسني، في قلبِ كُلِّ مخوفةٍ
وأُوثِق، حتى نهضُهُ متثاقِلُ
،مِنَ الزنج كهلٌ شابَ مفرِقُ رأسه
أخو سقطَةٍ، أو ظالعٌ مُتحاملُ
،كأن الثُريَّا، والصباحُ يُروعُها
وإن نَظَرتَ، شزراً إليكَ القَبائِلُ
،إذا أنتَ أُعطيتَ السعادةَ لم تُبَلْ
وهابتكَ، في أغمادِهِنَّ، المناصِلُ
،تَقتكَ، على أكتافِ أبطالِها، القَنا
نكَصْنَ، على أفْواقِهنَّ، المَعَابِلُ
وإن سَدَّدَ الأعداءُ نحوَكَ أسهُماً
وتلقى رداهُنَّ الذُرى والكواهلُ
،تَحَامى الرزايا كَلَّ خُفٍ ومَنْسِمٍ
وقد حُطمتْ في الدارعينَ العوامِلُ
،وترجِعُ أعقابُ الرِماحِ سَليمةٌ
فَعِندَ التَّناهي يَقْصُرُ المتطاولُ
فإن كُنتَ تَبغي العِزّ، فاِبغ تَوَسطاً
ويُدرِكُها النُقصانُ وهي كَوَامِلُ
،تُوقَّى البُدُورُ النَقْصَ وهي أِهِلَّةٌ
+++

Poésie arabe (الشعر العربي)
Page créée par Dr Aly Abbara

aly-abbara.com
avicenne.info
mille-et-une-nuits.com
Paris / France